هل يحق لرئيس الحكومة الإعتكاف؟ ـ د.خضر ياسين

إستلم الرئيس حسان دياب مقاليد رئاسة الحكومة بناءً على تسميته من قبل رئيس الجمهورية استنادآ إلى الإستشارات النيابية التي يلزمه الدستور بإجرائها مع أعضاء المجلس النيابي. والدستور في أبسط تعاريفه أنه يتضمن مجموعة القواعد الناظمة لعمل المؤسسات الدستورية، حيث يحدد إختصاصات كل من السلطة التشريعية، والسلطة التنفيذية بأركانها الثلاثة: رئيس الجمهورية، رئيس الحكومة، والحكومة. ووفقآ للمبادئ والأصول الدستورية فالحكام الذين يتولون إدارة الشؤون العامة للدولة، يستمدون الإمتيازات من النصوص الدستورية، فهي ليست إمتيازات شخصية لهم، أو حقوق ذاتية يمكنهم التنازل أو التخلّي عنها، بل إنهم يعبرون عن إرادة الدولة، وقيمة قراراتهم الملزمة مستمدة من قوة الدولة لأنهم يمارسونها نيابة عنها.فالمادة (٦٤) من الدستور والتي بموجبها تم استحداث موقع رئاسة مجلس الوزراء استنادآ إلى إصلاحات إتفاق الطائف (١٩٨٩)، حددت في ثماني فقرات صلاحيات رئيس الحكومة، ومنها على سبيل المثال الفقرة السابعة التي تنص على أن رئيس الحكومة هو الذي يتابع أعمال الإدارات والمؤسسات العامة وينسق بين الوزراء ويعطي التوجيهات العامة لضمان حسن سير العمل، وكذلك الفقرة الثامنة التي تنص على أنه يعقد جلسات عمل مع الجهات المعنية في الدولة بحضور الوزير المختص.وبناء على تقدّم الرئيس حسان دياب باستقالة الحكومة، تحوّلت حكومته من حكومة تستطيع أن تمارس كامل صلاحياتها بشكل عادي، إلى حكومة لا تستطيع ان تمارس كامل صلاحياتها إلاّ ضمن إطار تصريف الأعمال وفقآ لمضمون المادة (٦٤) من الدستور، علمآ أن الدستور لم يحدد مهلة زمنية محددة لحالة تصريف أعمال، وأثبتت التجارب السياسية أنها مهلة قد تطول وتستمر لأشهر عديدة. والدستور في اكثر من موقع، ترقب لحالات الشغور أو الفراغ أو الخلل في المواقع أو في الصلاحيات، وهذا يدل على أنه يحث ويحفّز على معالجة هذه الحالات، من أجل الإستمرارية في ممارسة الصلاحيات إلى حين ملء الشغور أو إنبثاق سلطة دستورية جديدة، وبالتالي فهو ينص على واجب دستوري يتوجب القيام به، ولا تملك الجهة التي يقع على عاتقها هذا الواجب أي سلطة في تقرير القيام به أو الإمتناع، أو التلكؤ، أو الإهمال، وهنا نذكر الحالات التالية:المادة (٥١) من الدستور تنص على أنه اذا حلّ المجلس النيابي وجب ان يشتمل قرار الحل على دعوة لإجراء إنتخابات نيابية جديدة، وهذه الإنتخابات تجري وفقآ للمادة (٢٤) وتنتهي في مدة لا تتجاوز الثلاثة أشهر.المادة (٤١) تتحدث عن انه اذا خلا مقعد في المجلس النيابي يجب الشروع في انتخاب الخلف خلال شهرين.المادة (٥٥) تنص على أنه في حال حلّ المجلس النيابي تستمر هيئة مكتب المجلس في تصريف الأعمال حتى انتخاب مجلس نيابي جديد. المادة (٦٢) تذكر أنه في حال خلو سدة الرئاسة لأية علة كانت تناط صلاحيات رئيس الجمهورية وكالة بمجلس الوزراء. المادة (٦٤) تتضمن انه في حالة استقالة الحكومة تستمر الحكومة ذاتها بممارسة صلاحياتها ضمن ما يعرف تصريف الأعمال. استنادا لما تقدم يتبين لنا أن الدستور تنبأ وعالج الحالات التي تشكل استثناءآ لعمل المؤسسات الدستورية بشكلها الطبيعي، وحفاظآ وحرصآ على مبدأ إستمرارية عمل ونشاط المؤسسات الدستورية للدولة وعدم حصول شلل في هذا العمل، حدد بشكل واضح من هي الجهة الدستورية التي يتوجب عليها الإستمرار بممارسة صلاحيات معينة إلى حين عودة الحياة الدستورية لنصابها الطبيعي والمعتاد. هذا من حيث المبدأ والأصول الدستورية، فكيف إذا كانت الأوضاع السائدة في الدولة من النواحي الإقتصادية، والإجتماعية، والصحية، والمالية، تحتاج إلى متابعة، وتضافر جهود، وحرص وعناية السلطات في الدولة؟

Leave A Reply